يبهجنا أن نلتقي قلوباً عامرة بالمودة والسلام ، تماماً بقدر ما يحزننا أن نلتقي فيضاً آخر نقيضاً ، في قلوب تتقن الإساءة دون مبرر ، وتحترف المراوغة لتجعلك في موقف المسيء دون اقتراف الإساءة .
هي طبيعة الحياة ، أن تتجدّد العلاقات وتتسع دائرة المعارف والأصدقاء ، وإن تركنا مشاعرنا كريشة تعصف بها أمزجة الآخرين المتقلبة ، فإننا لن نكون بخير أبداً ، وسنعاني كثيراً بين مدٍّ وجزر نفسياتهم المختلفة .
المؤسف أن كل ما نستطيع فعله هو أن نقرر أن نكون أكثر حذراً في المرات القادمة ، والحقيقة أن هذا الأمر ليس متاحاً بالدقة المطلوبة ، فنحن لا نستطيع أن نبدأ بسوء الظن فنرفض معرفة كل من وضعته الأقدار في طريقنا ، أو نرفض التعامل معه دون سبب ، ولا نستطيع أن لا نتفاعل مع العلاقات الجديدة.
العزلة التي قد نلوذ بها ، ماهي إلا مقلب حقيقي لوهم النجاة المزعومة ، فهي تحرمنا الكثير من حقوقنا الاجتماعية ، وتحد من أفق أحلامنا أيضاً ، هي لا تتعدى كونها مبرراً غبياً لفشلنا في مواجهة أنفسنا ، ومواجهة الآخرين.
هم أيضاً فشلوا في مواجهة أنفسهم ، فحبسوها داخل وهم آخر اسمه القوة ، صوّر وهمهم لهم أن الكلمة الطيبة ضعف ، فجعلوا من القسوة سياجاً يحمي قلوبهم التي اعترفت لهم بعجزها ذات خلوة ، بيد أن هناك من يصدّق هذا بقوة ، لتكون القسوة أسلوبه ومنهجه ، وبالممارسة يصبح فظاً غليظ القلب مع خبرة سلوكية ، ومواقف عديدة يظن من مخرجاتها أن النصر كان حليفه ، عندما يتجنّبه الآخرون ، ليس خوفاً منه كما صوّر له تفكيره ، بل حرصاً منهم على مشاعرهم الجميلة وقلوبهم الطيبة.
نعم هناك الكثير من المحطات المؤلمة في رحلة الحياة ، التي نتمنى أننا لم نعشها ، لكن ربما نحن لا نعلم أن تلك المواقف الصعبة ، هي التي تمنحنا الثقة بالنفس ، والقوة للاستمرار ، عندما نتجاوزها بكبرياء وشموخ ، ولا نعطيها من وقتنا وأعمارنا زمناً أكثر مما تستحق.
قلوبنا «آنية» نملأها بما نشاء من المشاعر والأخلاق ، وهي وديعة الله عندنا ، والحياة بأسرها ، اختبار الله الأصعب ، فلنملأ قلوبنا بما يليق بنا ، ولا نتركها في يد الآخرين يملأونها لنا بما فاضت به قلوبهم ، ولنكن نحن الوضوح عندما تكون أرواحنا الجميلة في خطر، ونقول بصوت عالٍ أو بضجيج الصمت : تصالحوا مع أنفسكم أو ارحلوا عنا ، نحن لا نحتاج قسوتكم في حياتنا ...
عـــــــــذراً... أنتــم هكــذا لا تشبهــوننا.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire