mercredi 12 mars 2014

إشارات حول الأخوة

إن الأخوة مفهوم جميل ومعنى رائع وسامٍ.. يدل على ارتفاع في الذوق، وسمو في الأخلاق، فالأخ يأنس بأخيه.. يشاطره الحب والبغض.. والأمن والخوف.. ويكون عوناً له في شدته.. ومقاسماً له في فرحه.. فهما كالجسد الواحد ولكن بقلبين ينبضان بالحب والوئام.
 ولا عجب أن تكون حياتهما مليئة بالسعادة ومفعمة بالصدق؛ لأنها لله وفي ذات الله لا يشوبها شيء من حطام الدنيا.
أيها الفاضل: دارت الخواطر ببالي فصالت وجالت وأخرجت هذه الإشارات؛ فإليك بعضها:
الإشارة الأولى: اعلم أيها المبارك أنه متى ما شاب هذه الأخوة شيء من الدنيا فإنها ستزول لا محالة ويبقى شؤمهما في الدنيا وعاقبتها في الآخرة قال تعالى: ( الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ )[الزخرف:67].
فاحرص كل الحرص على أن تكون هذه الأخوة لله عز وجل.
الإشارة الثانية: صاحب من ترى فيه سمات الصلاة والطاعة وعلامات الخوف والخشية من الله عز وجل.. قلبه خاشعاً لله خائفاً من عقابه طامعاً وراجياً ثوابه.
قيل للحسن: كيف نصنع بأقوام يخوفوننا حتى تكاد قلوبنا تطير ؟ قال الحسن: والله لئن تصحب أقواماً يخوفونك حتى تدرك الأمن خيرٌ من أن تصحب أقواماً يؤمنونك حتى يلحقك الخوف.
 الإشارة الثالثة: أخي الحبيب ! أحسن العشرة مع أخيك، ألِن جانبك معه، كن ناصحاً له في الخير ومعيناً عليه، وناهياً له في الشر ومحذراً منه، وهل يعقل أن تصاحب لك أخاً في الله فتتبسم له في وجهه ومن خلفه تكشر عن أنيابك له.
 فاحذر أخي المبارك من أن يخالف قولك فعلك.. فلا تغتابه.. ولا تكذب عليه.. ولا تفشي سرَّه.. ولا تطعن في عرضه.
وأحسن الشاعر إذ يقول:
ولا خير في خل يخون خليله    ويلقاه من بعد المودة بالجفا
وينكر عيشا قد تقادم عهده        ويظهر سراً كان بالأمس قد خفا
 الإشارة الرابعة: إذا صاحبت صاحب الهمة العالية.. والأخلاق السامية.. فاستفد منه ولا تفوت الفرصة، استفد من علمه وعمله ومعاملته.
روي عن جعفر أنه قال: سمعت مالك بن دينار يقول للمغيرة بن حبيب: كل أخ وجليس لا تستفيد منه في دينك خيراً فانبذ عنك صحبته.
قال الشاعر:
لا تسأل عن المرء وسل عن قرينه       فكل قرين بالمقارن يقتدي
أخي المبارك: هذه بعض الإشارات أحببت أن أهمسها في كل أذن صاغية لعلها تصادف قلبك فتتمكن منه.
وختاماً: تذكر أن المرء على دين خليله، وأن المرء يحشر مع من أحب.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire